الدرس الأسبوعي :الأعمال القلبية والعملية في عشر ذي الحجة

ساعات وتبدأ ليالي العشر التي خصها الله تعالى بقوله:

(( والفجر وليال عشر ..))

لأيام تمضي وشهور تمضي وكذلك السنين وها هو شهر ذي الحجة اقبل علينا

فعلينا أن نبدأ في أول ساعات العشر بأن نجتهد ونعمل بهذا العشر ولعل خير ما نبدأ به الختمة القرآنية فنستطيع توزيع الختمة بعد كل صلاة

وبهذه الأيام يجب أن نحول عبادتنا من عادات إلى عبادات ونغير مفهوم العبادة التقليدي فالعمل الصالح ليس محصوراً فقط بالقرآن

والصلاة والصيام ولكن يجب أن يكون في قلوبنا واحات إيمانية حتى نجعل قلوبنا من أقرب القلوب إلى الله

ولعل أقرب طريق لذلك هو ذكر الموت هادم اللذات الذي يجعلنا دوماً تائبين وذكر الخوف من سوء الخاتمة

والخوف من الاستدراج حيث كثير من الناس قد لايعي خطورة هذا الأمر لأن الله عز وجل لايبارز بالمعصية

فيجب على من قام بالذنب أن يقر بالذنب ويعترف فيه



أتى رجل إلى إبراهيم بن أدهم - رضي الله عنه – فقال: يا أبا اسحق، إني مسرف على نفسي

فاعرض على ما يكون لها زاجرا ومستنقذا ؟

فقال إبراهيم: إن قبلت خمس خصال ، وقدرت عليها لم تضرك المعصية ؟

قال : هات يا أبا اسحق

قال : أما الأولى فاذا اردت ان تعصي الله تعالى ، فلا تأكل من رزقه

قال : فمن أين آكل وكل ما في الأرض رزقه ؟

قال : يا هذا افيحسن بك ان تأكل رزقه وتعصيه ؟

قال : لا ، هات الثانيه

قال : واذا اردت ان تعصيه فلا تسكن في شيئا من بلاده ؟

قال : هذه اعظم ، فأين أسكن ؟

قال : يا هذا أفيحسن بك ان تأكل رزقه ، وتسكن بلاده وتعصيه ؟

قال : لا ، هات الثالثه

قال : اذا اردت ان تعصيه ، وان تأكل من رزقه ، وتسكن بلاده ، فانظر موضعا لا يراك فيه فاعصه فيه ؟

قال : يا ابراهيم ما هذا ؟ وهو يطلع على ما في السرائر ؟

قال : يا هذا أفيحسن بك أن تاكل رزقه ، وتسكن بلاده وتعصيه وهو يراك ويعلم ما تجاهر به وما تكتمه ؟

قال : لا ، هات الرابعه

قال : فاذا جاءك الموت ليقبض روحك ، فقل له أخرني حتى اتوب توبة نصوحا ، وأعمل لله صالحا

قال : لا يقبل مني؟

قال : يا هذا فأنت اذا لم تقدر ان تدفع عنك الموت لتتوب، وتعلم أنه اذا جاءك لم يكن له تأخير ، فكيف ترجو وجه الخلاص ؟

قال : هات الخامسه

قال : اذا جاءتك الزبانيه يوم القيامه ، ليأخذوك الى النار ، فلا تذهب معهم ؟

قال : انهم لا يدعونني ، ولا يقبلون مني

قال : فكيف ترجو النجاة اذن ؟

قال : يا ابراهيم ، حسبي ، حسبي ، استغفر الله وأتوب اليه

فكان لتوبته وفيا , فلزم العباده , واجتنب المعاصي حتى فارق الدنيا .

روى في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :

إذا رأيت الله يُعطي العبد ما يُحبُّ على معصيته , فاعلم أنما هو استدراج
فكم لله من نعمة علينا .. نعمة العقل , والفهم , والنطق , والسمع , وووو

((وإن تعدوا نعمة الله عليكم لا تحصوها ..))

فلك الحمد يارب.

والآن في العشر علينا أن نضيف لعبادتنا العملية عبادات أخرى صالحة قلبية فعلينا أن نفتح قلوبنا وننزع مافيها من سوء

ومن ذنب وأن نملئه بالعمل الصالح ولعل مايرطب قلوبنا أن نضع فيها واحة جميلة وهي :

-حسرة أهل الجنة : فهل ياترى كل من دخل الجنة دخلها بنفس المرتبة فهم مراتب وتختلف المقامات

فأدنى أهل الجنة كما


حدثنا الرسول صلى الله عليه قصة آخر من
يخرج من النار ويدخل الجنة وما جرى من حوار بينه
وبين ربه

وما أعطاه الله من الكرامة العظيمة التي لم
يصدق أن الله أكرمه بها لعظمها وقد

جمع ابن الأثير
روايات هذا الحديث في جامع الأصول ومنه نقلنا
هذه الأحاديث
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال قال
رسول الله صلى الله عليه

وسلم

(إني لأعلم آخر أهل
النار خروجا منها وآخرأهل الجنة دخولا الجنة رجل
يخرج

من النار حبوا فيقول الله له:اذهب فادخل
الجنة،

فيأتيها فيخيل إليه أنهاملأى

فيرجع فيقول يارب
وجدتها ملأى فيقول الله عز وجل اذهب فادخل الجنة
فإن لك مثل

الدنيا وعشرة أمثالها أو إن لك مثل عشرة
أمثال الدنيا



فيقول:أتسخر بي-أوتضحك
وأنت الملك قال:فلقد رأيت رسول الله صلى الله
عليه وسلم ضحك حتى بدت

نواجذه فكان يقال
ذلك أدنى أهل الجنة منزلة)

أخرجه البخاري ومسلم

هذه مكانة ادناهم فما مكانة أعلاهم :



روى مسلم في صحيحه عن المغيرة بن شعبة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم – قال : " سأل موسى ربه :ما أدنى أهل الجنة منزلة؟ قال: هو رجل يجيء بعدما أدخل أهل الجنة الجنة ، فيقال له : ادخل الجنة . فيقول: أي رب كيف ؟ وقد نزل الناس منازلهم ، وأخذوا أخذاتهم؟ فيقال له: أترضى أن يكون لك مثل مُلك مَلك من ملوك الدنيا؟ فيقول: رضيت رب ، فيقول : لك ذلك ومثله ، ومثله ، ومثله ، ومثله. فقال في الخامسة: رضيت، رب. فيقول: لك هذا وعشرة أمثاله، ولك ما اشتهت نفسك، ولذت عينك. فيقول: رضيت رب .

قال: رب . فأعلاهم منزلة ؟ قال:" أولئك الذين أردت، غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها، فلم تر عين ،ولم تسمع أذن،ولم يخطر على قلب بشر "



كيف يتحسر من فاز ؟
كيف يتحسر من نال مراده ؟
أليسوا قد بلغوا آمالهم ؟؟
فعلى أي شيءٍ تكون الحسرة إذن ؟!!
يجيبك على هذا السؤال سيد الخلق ، وحبيب الحق ، أستاذ البشرية
صلى الله عليه وسلم حين قال :
" ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرّت بهم
لم يذكروا الله عز وجل فيها"


عجيب أمركم أهل الجنان ، تتحسرون !! لا لأنكم عصيتم الله في الدنيا ..
بل لأنكم تركتم فيها ساعة لم تملأ بذكر الله .. بينما يبكي غيركم لفوات لذاته !!
ويتحسر لفراق شهواته !! فشتان بين الفريقين !!!
يشرح الإمام الأوزاعي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول :
" ليس ساعة من ساعات الدنيا ، إلا وهي معروضة على العبد
يوم القيامة ، يوما يوما ، وساعة بساعة ، ولا تمر به ساعة
لم يذكر الله فيها إلا انقطعت نفسه عليها حسرات ، فكيف
إذا مرت به ساعة مع ساعة ، ويوم مع يوم ، وليلة مع ليلة ! "
لمّا احتضر عامر بن قيس بكى ، فقيل له ما يبكيك ؟ قال :
" ما أبكي جزعا من الموت ، ولا حرصا على الدنيا ، ولكن أبكي
على ظمأ الهواجر ، وعلى قيام ليالي الشتاء "
ومثله معاذ بن جبل رضي الله عنه عند موته .. يتحسر وينادي ربه ويقول :
" يارب .. إنني كنت أخافك ، وأنا اليوم أرجوك .. اللهم إنك تعلم
أنني ما كنت أحب الدنيا لجري الأنهار ، ولا لغرس الأشجار ..

وإنما لظمأ الهواجر ، ومكابدة الساعات .. ومزاحمة العلماء
بالركب عند حلق العلم "

فكم تمر أوقات ونحن ساهون عن ذكر الله

فكم نذكر الله في اليوم ؟؟؟

كم تشغلنا الدنيا ..كم تلهينا ؟؟

فعلينا أن نخلص ونجعل عملنا كله لله نومنا لله ,ودراستنا لله ,وعملنا لله ,وكل عمل نعمله لله ,

فكم نأخذ بذلك الأجر العظيم ولكن بشرط أن لا نبارز الله بالمعاصي .

فلنقطع العهد على أنفسنا أن نرضي الله عز وجل وندعوه بأن يبصرنا بأخضائنا وأن يعيننا على تركها

وأن يرزقنا أن نعمل في وقتها كل خير ورضا وأن يتقبل منا ما عملنا

وهاهو سيدنا عبد الله بن عمربن الخطاب حين قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم:

: "نعم الرجل عبد الله لو كان يقيم الليل,فما تركها عبد الله حتى مات".

فلنرضي أنفسنا بالطاعة وترك المعاصي



وكان عبد الله بن عمر يصل الجنازة وحين سمع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول اللع صلى الله عليه وسلم :

مَنْ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى

يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا فَإِنَّه يَرْجِعُ مِنْ الْأَجْرِ

بِقِيرَاطَيْنِ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ

قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ

من الاجر بِقِيرَاطٍ

رواه البخاري في صحيحهفلما سمعه تعاظمه وأرسل إلى عائشة يسألها عن هذا الحديث فلما أكدته ماترك بعدها جنازة وقال : لقد قرطنا في قراريط كثيرة
ويتحسر على طاعة ضيعها تقربه للجنة وغيره يتحسر على معصيه لم ينالها تقربه من النار.

فلنبدأ عملنا اليوم من بعد المغرب ولنسارع في الطاعات والذكر

ونكثر من التهليل والتكبير والتسبيح وأن نقول حسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير وان نجعل أعمالنا كلها لله وان نجعلها بحب

وأن نقرأ القرآن بحب ونذكر بحب وان نجعل عملنا خالصاً لله ...وأن نجعل أنفسنا لله كما يحب فهو لنا أكثر مما نحب .

اللهم تقبل منّا أعمالنا,اللهم أدبنا وأحسن ختامنا, اللهم ارزقنا أن نعبدك عبادة محبة , اللهم أقبل علينا العشر فيسر لنا الطاعات والعبادات, وأن نذكرك ونعبدك كما تحب وترضى , واجعلنا مخلصين يارحيم ,واحسن ختامنا , واقبضنا ونحن على أحسن حال معك ,وجعلنا دعاة للإسلام والمسلمين , واجعلنا كالقرآن نتحرك ياكريم , واجعلنا نتحسر على ذهاب الطاعات , وارزقنا بها وبالعمل الصالح الحسنات , اللهم ألف بين قلوب المسلمين يارحمن يارحيم , اللهم طهر قلوبنا من النفاق والرياء والغل والسمعة وسوء الأخلاق , اللهم أصلح حالنا يا كريم ,

اللهم أجب دعائنا , آمين , آمين , آمين ,

وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 6_11_2010

بارك الله بكن ووفقكن لكل خير

شكرا للادارة الكريمة على النقل

شكراً لكم جميعاً

جهود واضحة

نفع الله بكم

بارك الله بكم ونفع الأمة الإسلامية بعلمكم

درس ذو موعظة وعبرة كبيرة

جزا الله عنا كل خير الأنسة تغريد

درس جميل جداً

رزقنا الله الحضور الدائم لمثل هكذا دروس

بارك الله بكم

بارك الله بالأنسة تغريد جزاها كل خير

على ما تقدمه في خدمة الاسلام